للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفشا فيكم العقوق والعصيان. فابشروا بالمذلّة والهوان. {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} (١)، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٢).

وقد ثبت أن نحن الكفرة وأنتم الفجرة، وقد سلطنا عليكم من بيده الأمور المدبرة، والأحكام المقدرة. فكثيركم عندنا قليل، وعزيزكم لدينا ذليل، وبغير المذلة ما لدنياكم علينا من سبيل. فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا ردّ الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وتورى شراراها، فلا تجدون منا جاها ولا عزا، ولا كتابا ولا حرزا، إذا أزّتكم رماحنا أزّا. وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، وعلى عروشها خاوية. فقد أنصفناكم، إذا أرسلنا إليكم، ومننّا برسلنا عليكم. ثم كتب <من الطويل>:

ألا قل لمصرها هلاوون قد أتا (١٠) ... بحدّ سيوف تمتضى وبواتر،

يصير عزيز القوم فيها أذلّة ... ونلحق (١١) أطفالا لهم بالأكابر».

فلما وصلت هده المراسله الى الملك المظفر رحمه الله، جمع الامرا، وضرب مشور، فاتفق الراى على ضرب رقاب الرسل، والتجهيز له وملتقاه، ويعطى الله النصر لمن يشا. فضربت رقاب رسله، وكانوا نيف (١٤) واربعين نفرا، وعلقت رؤوسهم على باب زويله. ثم نادوا فى القاهره ومصر الجهاد فى سبيل الله. واجتمعت العساكر من كل فج عميق، وجاات (١٦) العربان من البلاد، وخلق كثيره من التركمان والاكراد، وبايعوا الله عزّ وجلّ بنيات صادقه وقلوب موافقه، وخرجوا طالبين التتار.


(١) القرآن ٤٦:٢٠، قارن ايضا القرآن ٦:٩٣،٤٥:٢٨،٣٦:٥٤
(٢) القرآن ٢٦:٢٢٧.
(١٠) اتا: أتى--تمتضى: تنتضى، انظر المقريزى، السلوك، ج‍ ١ ص ٤٢٨
(١١) نلحق: فى المقريزى «يلحق»
(١٤) نيف: نيفا
(١٦) جاات: جاءت