للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التتار كبسوا على جيوش المسلمين بنابلس، ومن هناك تشتت جموع عساكر الملك الناصر، وتمزقوا كلّ ممزّق (٢)، ووصل من وصل منهم الى الديار المصريه. ولما استحكم امر هلاوون بالشام جميعه كتب الى مصر. وجعل النايب بحلب عماد الدين القزوينى وعز الدين كنجى، ومعهما من المفعل كا كلاغه وبغراغه، وجعل رجوع الجميع الى ما يامر به الملك الاشرف صاحب حمص. ولما اتوا الى مدينه الصبيبه نزل اليهم صاحبها الملك السعيد ابن الملك العزيز ابن (٦) الملك العادل، واختلط بهم وفعل كل قبيح، وسياتى ما كان عاقبة امره].

ثم انه كتب الى الملك المظفر قطز صاحب مصر كتابا ما هذا نسخته:

«بسم إله السماء الواجب حقه، الذى ملكنا أرضه وسلطنا على خلقه، الذى يعلم به الملك المظفر صاحب مصر وأعمالها، وساير أمرايها وجندها وكتابها وعمالها، وباديها وحاضرها، وأكابرها وأصغارها، إنا جند الله فى أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على من حل به غيضه (١٢)، فلكم بجميع الأمصار معتبر، وعن عزمنا مزدجر.

فاتعظوا بغيركم، وسلموا إلينا أمركم، قبل أن يكشف الغطاء، ويعود عليكم الخطاء.

فنحن ما نرحم من بكا (١٤)، ولا نرق لمن شكا. فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد.

فعليكم بالهرب، وعلينا بالطلب. فأى أرض تأويكم، وأى بلاد تحميكم، وأى دلك ترا (١٦)، ولنا الماء والثرا. فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من أيدينا مناص. فحيولنا سوابق، وسيوفنا صواعق، ورماحنا خوارق، وسهامنا لواحق، وقلوبنا كالجبال، وعديدنا كالرمال. (٤١) فالحصون لدينا لا تمنع، والجيوش لقتالنا لا تنفع، ودعاكم (١٨) علينا لا يسمع، لأنكم أكلتم الحرام، وتعاظمتم عن ردّ السلام، وخنتم الإيمان،


(٢) كل ممزق: قارن القرآن ٣٤:٧
(٦) ابن: بن
(١٢) غيضه: غضبه، انظر المقريزى، السلوك، ج‍ ١ ص ٢٨
(١٤) بكا: بكى--شكا: شكى
(١٦) ترا: ترى--والثرا: والثرى
(١٨) ودعاكم: ودعاؤكم