متنكّرا، ودخل بلاد الهند وطوّف في ممالكها، ونقّب عن همم ملوكها.
وبينا هو في حضرة فيروز، عظيم أراكنة الهند، وقد دهمه عدوّ له، كان يواصل غزوه، حتّى بلغ في هضمه في أن يسلبه ملكه. فاضطرب فيروز لمقدمه، وظهر الجور عليه، ولم يجد بدّا من الاستعداد له والبروز إليه، لمدافعته. فقصد بهرام باب الملك فيروز، واستأذن عليه فأذن له.
فلمّا وقف بين يديه جعل فيروز يتأمّله، فرأى صورة جميلة وقامة مديدة ومنظرا بهيّا. فقرّبه وسأل عن نفسه، فزعم له بهرام أنّه إسوار من أساورة الفرس، أحدث في بلاده حدثا فخاف ملكه، فهرب منه. وسأله (١٩٩) فيروز عمّا يريد، فأخبره أنّه يريد أن يكون في جملة أتباعه، وأخبره أنّ عنده من الكفاية والغنى ما لا يكاد يوجد عند غيره. وقال له فيما خاطبه به: أيّها الملك، ليصغر عندك خطب عدوّك هذا، وقلّدني حربة أكفك أمره بقوّة الله، عزّ وجلّ. فدخلت فيروز له هيبة، وأحضر رؤساء جنده، فأمرهم بطاعته والتّدبير بأمره في تلك الحروب.
ولمّا غشيهم العدوّ خرحوا إليه، فصفّهم بهرام وقال لهم: لست أريد منكم إلاّ حماية ظهري، وأن تتقدّموا إذا رأيتم العدوّ وقد تأخّروا عن مصافّهم، فتقدّموا أنتم بمقدار تأخّرهم، وإذا رأيتموهم قد شوّشوا وتزلزلوا