للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها مسك مولانا السلطان أعداه، عدّة ثلاثين أميرا من كباش البرجيّة، ليس فيهم من كان عاد يحسب حساب المنيّة، وأنجز الله تعالى على يد مولانا السلطان ما كان لهم من الوعيد {وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} (٣) وكانت السجون خلا، فعادت ملا {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} (٤) ومن أعظم ما يؤرّخ ويسطّر، ويذكر ويشهر، ويثبت فى السير، شجاعة مولانا السلطان التى فاقت من تقدّم وأربت على من تأخّر. وذلك أنّه نصره الله وقد فعل، لعظم قوّة شجاعة براعة هذا السلطان البطل، قبض على هؤلاء القوم، فى ذلك اليوم، وركب من غده باكر، كالليث الكاسر، والنّمر الجاسر، ليس عنده اكتراث، وقد جعل أموال تلك الأمرا للورّاث. وهذه نكتة يفوق بها مولانا السلطان على ساير ملوك الدنيا، الأموات منهم والأحيا، فيما حوى العامر، دون الغامر، من الأرض، فى طولها والعرض، منذ كانت الدنيا، وإلى يوم العرض

وفيها قتل الأمير جمال الدين آقوش الرومىّ على منزلة السويس، وذلك أنّ بيبرس قبل نزوله عن الملك، لمّا عادوا الناس يقصدون الركاب الشريف السلطانىّ الناصرىّ من كلّ قطر وفى كلّ طريق، جرّد جماعة لحفظ الطرقات، ومنع من يريد التوجّه إلى الركاب الشريف، وجرّد آقوش الرومىّ لحفظ هذه الطريق. وكان فى مماليكه كبيرهم يسمّى سليمان تركمانىّ، فحسّن لرفقته قتل أستاذهم وأخذ رأسه والتوجّه به إلى مولانا السلطان عزّ نصره. أرادوا بذلك اليد عنده، ولم يعلموا أنّه نصره الله لا يرى بالخروج عن طريقة العدل، ولا عن سنّة الفضل. فلمّا عاد


(٣) السورة ٤١ الآية ٤٦
(٤) السورة ٥٠ الآية ٣٠