وأن بعض ملوك العجم حضر سنة فى ذلك الوقت الذى فيه ظهورها وطلوعها، فربطها بسلاسل من حديد فى غاية القوة، وأوثقها وثقا جيدا فى أساطين من حديد قد ضربت فى الأرض من أربع جوانبها، واستوثق منها بأشد ما يكون. فلما كان وقت غوصها، قطعت تلك السلاسل، وغاصت على عادتها. قال: وهى إلى الآن إذا طلعت رأى الناس السلاسل فيها مشدودة فى وسطها.
وفيها اختلف عسكر مصر على السلطان الملك الصالح أيوب، فمسك كثيرا منهم. فمن الأمراء الذين قبض عليهم الملك الصالح الأمير عز الدين أيبك الأسمر الأشرفى، مع سائر الأشرفية. ومن الخدام الكبار الذين كانوا حكام الدولة العادلية؛ جوهر النوبى، وشمس [الدين] الخواص. وانتظم الملك له بعد ذلك. واستوزر معين الدين بن شيخ الشيوخ، ومكنه، وفوض إليه تدبير المملكة، وشرع فى شراء المماليك الترك.
وفها تسلم عسكر الروم آمد بعد حصار شديد. وكان بآمد يومئذ الملك المعظم غياث الدين توران شاه بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، فتوجه منها إلى حصن كيفا، واستمر به إلى قدومه إلى الديار المصرية، بعد وفاة أبيه، حسبما يذكر من بعد. واستقر بحصن كيفا ولده الملك الموحّد عبد الله، فاستمر الملك الموحد بحصن كيفا تحت حكم التتار. وله بحصن كيفا عدة أولاد. وكان لما توجه والده الملك المعظم إلى الديار المصرية عمره عشر سنين.