ويعظّم الكهنة، وأطاف به من السحرة ما لم يطوفوا بغيره لكثرة إكرامه لهم وتعظيمه إيّاهم.
ثمّ إنّه رأى في منامه كأنّ الوليد بن دومغ قد عاد، وهو قائم بين يديه، وهو يقول له: من أمرك أن تتسمّى بالملك، وأن تنكح نساء الملوك، وأخذ الأموال لغير (١٢٦) واجب؟ ثمّ أمر به أن يضع في قدر قد ملئت زيتا قد غلى عليه حتّى طار لهبه. فأتا طائرا في صورة عقاب فاختطفه من بين يديه وحلّق به في الجوّ حتّى جعله فوق أعلا جبل، وأنّه سقط من الجبل إلى واد فيه كمأة مشنبة. فانتبه مذعورا، وقد كان في فعله ذلك كلّما ذكر الوليد وعودته وخطر بقلبه، يكاد عقله أن يطير فرقا منه، لما يعلمه من فضاضته وقوّة بطشه. فاختلا ببعض من يثق به من السّحرة الكبار، وأظهره على سرّه، وقصّ عليه رؤياه. فقال الساحر: إنّ هذا العقاب روحانيّ قد أوراك صفته، وإنّك إذا عبدته خلّصك من جميع ما يضرّك. قال عون:
أشهد لقد قال لي العقاب وأنا أسمع: اعرف لي هذا المقام ولا تنسه.
فقالوا: قد نبّهك على مصلحتك.
فصنع تمثال عقاب من ذهب، وجعل عينيه من جوهرتين، وكلّله بأنواع اليواقيت، وعمل له هيكلا لطيفا، وأرخى عليه الستور <من> الديباج الملوّن، وأقبل أولئك على سحره وقربانه إلى أن نطق لهم. فأقام