أقول لأصحاب الكنيف تروّحوا ... عشية قلنا حول ماوان رزّح
ليبلغ عذرا أو يصيب غنيمة ... ومبلغ نفس عذرها مثل منجح
ومضى يبتغي لهم شيئا وقد جهدوا فإذا هو بأبيات شعر وبامرأة وشيخ كبير كالخباء الملقى فكمن عروة في كسر البيت وقد أجدب الناس، وإذا في البيت سحور ثلاثة شعرية-والسحور الحلقوم بما فيه-والبيت خال فأكلها عروة وكان له يومان قبلها لم يأكل شيئا فأشبعته وقوي فقال: لا أبالي من لقيت بعد هذا! ونظرت المرأة فظنّت أنّ الكلب أكلها فقالت للكلب: أفعلتها يا خبيث؟! وطردته. فإنه لكذلك إذا هو عند المساء بإبل قد ملأت المكان وإذا هي تتلفّت فرقا فعلمت أنّ راعيها جلد شديد الساعد، فلمّا أتت المناخ بركت ومكث الراعي قليلا ثم أتى ناقة منها فمرى أخلافها ثمّ وضع العلبة على ركبتيه وحلب حتّى ملأها ثم أتى الشيخ فسقاه. ثم أتى ناقة أخرى ففعل بها ذلك وسقى العجوز. ثم أتى أخرى ففعل بها ذلك فشرب ثم التفع بكساء واضطجع ناحية فقال الشيخ للمرأة وقد أعجبه ذلك منه: كيف ترين ابني؟ فقالت: ليس والله بابنك! قال: فابن من ويلك؟! قالت: ابن عروة بن الورد العبسي! قال: ومن أين لك؟ قالت: أتذكر يوما مرّ بنا ونحن نريد سوق ذي المجاز فقلت لي هذا عروة بن الورد، ووصفته لي شجاعة وجلدا فإنّي استظرفته واشتهيت منه الولد! فسكت الشيخ وسكن عروة (٢٨) حتّى نوّم الراعي وثب عروة وصاح بالإبل فاقتطع منها نحوا من النصف ومضى ورجا ألاّ يتبعه الغلام-والغلام حين بدا شاربه، فاتّبعه. قال: فاتخذا وعالجه فضرب به الأرض فيقع قائما! فتخوّفه عروة على نفسه. فقال عروة-وهو يريد <أن> يعجزه عن نفسه-:أنا