حدّثني عن هلال بن الأسعر، ومن هو، وما كان منه. فقال: نعم وكرامة يا أمير المؤمنين! هو هلال بن الأسعر بن خالد بن أرقم بن قسيم بن ناشرة بن سيّار بن رزام بن مازن بن مالك بن غمر بن تميم. شاعر فحل من شعراء الدولة الأموية مولّدا. كان رجلا شديدا عظيم الخلق أكولا معدودا من الأكلة. عمّر زمانا طويلا، ومات بعد بلايا عظام مرّت على رأسه. وكان يرد مع الإبل فيأكل ما وجد عند أهله ثم يرجع إلى الإبل ولا يتزوّد طعاما ولا شرابا حتّى يرجع يوم وردها لا يذوق فيما بين ذلك شيئا! وكان عاديّ الخلق لا توصف صفته.
قال خالد بن كلثوم؛ فحدّثنا عنه من أدركه أنّه كان يوما في إبل له وذلك عند الظهيرة في يوم شديد وقع الشمس، محتدم الهاجرة. فعمد إلى عصاه فطرح عليها كساءه ثم أدخل رأسه تحته من حرّ الشمس. فبينا هو كذك إذ مرّ به رجلان أحدهما من بني نهشل والآخر من تميم-وكانا أشدّ تميميّين في ذلك الوقت بطشا يقال لأحدهما الهيّاج؛ وقد أقبلا من البحرين ومعهما أنواط من تمر هجر، وهلال بناحية الصعاب. فلمّا انتهيا إلى الإبل ولا يعرفان هلالا بوجهه ولا الإبل فناديا: يا راعي الإبل! أعندك شراب تسقينا؟ وهما يظنّان أنّه عبد لبعضهم! فناداهما هلال ورأسه تحت كسائه: عليكما بالناقة التي صفتها كذا في موضع كذا فانتحياها فإنّ عليها وطبين من لبن فاشربا منهما ما بدا لكما فقال أحدهما: ويحك يا غلام انهض فأتنا بذلك اللبن! فقال: إن يك لكما حاجة فستأتيانها. قال؛ فقال أحدهما: إنّك يا ابن اللخناء لغليظ الكلام قم فاسقنا! ثم