دنا منه وهو على تلك الحال فأهوى له ضربا بالسوط على عجزه وهو مضطجع فتناول هلال يده فاجتذبه ورماه تحته ثم ضغطه ونادى صاحبه: ويحك أغثني قد قتلني! فدنا منه صاحبه فتناول هلال أيضا الآخر فاجتذبه فرمى به تحت فخذه الآخر ثم أخذ برقابهما فجعل يصكّ رؤوسهما بعضا ببعض لا يستطيعان أن يمتنعا منه، قال أحدهما: كن هلالا ولا نبالي ما صنعت! فقال لهما: أنا والله هلال، ولا والله تفلتان من يدي حتّى تعطياني عهدا وميثاقا لا تخيسان به لتأتيانّ المربد إذا قدمتما البصرة لتناديانّ بأعلى أصواتكما بما كان مني ومنكما فعاهداه وأعطياه نوطا من التمر وقدما البصرة فناديا بذلك.
قال خالد بن كلثوم عن خالد بن كنيف بن عبد الله المازني، قال، كنت يوما مع هلال ونحن نبغي إبلا لنا فدفعنا إلى قوم من بكر بن وائل وقد لغبنا وعطشنا وإذا نحن بفتية شباب عند ركيّة لهم وقد وردت إبلهم فلمّا رأوا هلالا استهولوا خلقه وقامته فقام رجلان منهم إليه فقال له أحدهما: يا عبد الله! هل لك في الصراع؟ فقال له هلال: أنا إلى غير ذلك أحوج! قال: وما هو؟ قال:
إلى لبن وماء فإنّي لغب ظمآن. قالا: ما أنت بذائق من ذاك شيئا حتّى تعطينا عهد الله لتجيبنّنا إلى الصراع إذا رويت وأراحت! قال هلال: إني لكما ضيف والضيف (٣١) لا يصارع ربّ منزله، وأنتم مكتفون من ذلك بما أقول لكم:
إعمدوا إلى أشدّ فحل في إبلكم وأهيبه صولة، وإلى أشدّ رجل منكم ذراعا فإن لم أقبض على هامة البعير وعلى يد صاحبكم فلا يمتنع الرجل ولا البعير حتّى أدخل يد الرجل في في البعير كرها منهما؛ فإن لم أفعل ذلك فقد صرعتموني، وإن فعلته علمتم أنّ صراع أحدكم أيسر من ذلك! قال؛ فعجبوا من مقالته تلك، وأومي إلى فحل في إبلهم هائج صائل قطم فأتاه هلال ومعه