قال: فاستطير العاص بن وائل سرورا به، وقال له: أنت ابنى حقّا، وكان قبل ذلك يعصيه، ويقدم غيره من ولده عليه.
قلت: والذى عناه عمرو بقوله: ما به تنبز، أنّ أبا جهل كان فيه خنث، وينبز بالداء العضال، وكان نديما للحكم [بن](١) أبى العاص بن أميّة، فكان مثله فى ذلك جميعا، يجمعهما علّة الخنث.
وروى أنّ أمّ عمرو بن العاص، وهى النابغة، امرأة من عنزة، وقع عليها شئ، فضربت يوما ولدها عمرو بن العاص، (١٦٢) وهو صغير جدّا عند ما دبّ، فقال لها: ستعلمين، وذهب إلى أبيه وهو فى نادى قومه، فجلس فى حجره، فبال عليه، وكان أبوه قاذورة متقزّزا، فى خلقه عسر، فتأفّف منه، وأراد ضربه، فمنعه قومه وقالوا: هذا طفل لا يعقل، فنهض مغضبا فدخل على النابغة، فأوجعها ضربا، وأقسم لها بما يعظّمه لئن بعثت به إليه وهو فى نادى قومه ليعودنّ لها بأشدّ ما بدا، ولمّا خرج من عندها قال لها عمرو: كيف رأيت، ألم أقل لك؟! فصكّت وجهها، ونادت بالويل، فرجع العاص إليها وتناول السوط، فقالت: مهلا حتى أخبرك، وحدّثته فقال: والكعبة إنّه لذو دهاء، فاحذريه!
فكانت تحذره مدّة طويلة، ثم نقمت عليه أمرا فضربته، ورصدته فلم يجد محيصا عنها سحابة يومه ذلك، فلمّا كان من الغد، أملس منها فذهب إلى أبيه وهو فى الحجر مع سادة قريش، فلمّا رآه انتهره، فقال له عمرو: إنّ أمّى تدعوك،