للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١٤٠) وفتح الله تعالى لعمر رضى الله عنه على يد خالد، وهو أمير من قبل أبى عبيدة حمص، افتتحها صلحا على مائة ألف وتسعين ألف دينار، ودخلها المسلمون.

وكان هرقل ملك الروم فى كلّ ذلك بأنطاكيّة، وهو يمدّهم بالعساكر، فيرجعون خائبين، وكان يقول لأهل دينه: أنتم أكثر من المسلمين، وأنتم بشر وهم بشر، فما بالهم ينصرون عليكم؟ فقال شيخ من أصحابه: ذلك من أجل أنّ القوم يصومون بالنهار، ويقومون بالليل، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ومن أجل أنّا نشرب الخمر، ونرتكب المحارم، وننقض العهد، ونأمر بما يسخط الله، وننهى عما يرضى الله، ونفسد فى الأرض، فقال هرقل: صدقت لأخرجنّ من هذه القرية، وما لى فى صحبتكم من خير، فأشير عليه بأن لا يفعل، فأقام واستصرخ بأهل روميّة وأهل قسطنطينيّة، وأرمينيّة، وأجناد الجزائر، وأمر أن يحشر إليه كلّ من بلغ الحلم من أهل مملكته، وبعث إلى المسلمين جيوشا لا تحصى.

وجاءت الأخبار إلى أبى عبيدة من جهة عيونه بذلك، فأطلع المسلمين على ذلك واستشارهم، فقال يزيد بن أبى سفيان: أرى أن نعسكر على باب حمص المسلمين، وتدخل النساء والذرارى المدينة، وابعث إلى المسلمين وأمّر بهم كعمرو بن العاص وخالد بن الوليد فيكونوا معك، فقال شرحبيل: لا أرى أن تدخل ذرارى المسلمين مع أهل حمص وهم على دين عدوّنا، ولا نأمن إن تشاغلنا بحرب من يأتينا أن تثب أهل حمص على ذرارينا، فيتقرّبوا بهم إلى عدوّنا، فقال أبو عبيدة:

سلطان المسلمين أحبّ إليهم من سلطان عدوّكم، وإنّى أرى أن أخرجهم من المدينة