قال الطبرىّ: فلمّا أجمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم (٤٦) السير (١) إلى مكّة، كتب حاطب ابن أبى بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذى أجمع عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأعطاه لامرأة يزعم محمّد بن جعفر أنّها من مزينة، وزعم غيره أنّها سارة مولاة لبعض بنى عبد المطّلب، وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا، فجعلته فى رأسها ثم ضمّت (٢) عليه قرونها، ثم خرجت من المدينة، فنزل الوحى بذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبعث علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه والزبير بن العوّام رضى الله عنه فقال: أدركوا (٣) امرأة قد كتب معها حاطب كتابا إلى قريش يحذّرهم بما اجتمعنا له (٤)! فخرجا فى طلبها، فأدركاها واستنزلاها والتمسا رحلها فلم يجدا (٥) شيئا، فقال لها علىّ عليه السلام: إنّى أحلف ما كذب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا كذبنا؛ ولتخرجنّ هذا الكتاب أو لنكشفنّك! فلمّا علمت أنّ لا لها بدّ من إخراجه وخافت الفضيحة قالت: أعرض عنّى! ثم استخرجته من قرونها ودفعته إلى علىّ عليه السلام، [فجاء به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم](٦) فدعا رسول الله حاطبا، وقال: ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله، إنّى والله مؤمن ولست بمنافق، ما غيّرت ولا بدّلت، ولكن لى بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم عليهم، فقال عمر رضى الله عنه: دعنى أضرب عنقه يا رسول الله فإنّ الرجل