فقلت: هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى المهاجرين والأنصار! فقال: ما لأحد بهؤلاء قبل، والله يا عبّاس لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما! فقلت: يا سبحان الله، إنّها النبوّة، ثم قلت: التجئ الآن إلى قومك!
قال: فخرج حتى [إذا](١) جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، ها محمّد قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دارى فهو آمن! قال: فقامت إليه هند بنت عتبة زوجته فأخذت بشاربه وقالت: قاتلك الله، وما تغنى عنهم دارك؟ قال: ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن! قال: فتفرّق الناس فى كلّ موضع من هؤلاء المواضع.
فلمّا انتهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذى طوى، فرّق جيشه فأمر الزبير بن العوّام وكان على الفرقة اليسرى أن يدخل ممّا يليه، وأمر سعد بن عبادة الأنصارى أن يدخل ممّا يليه أيضا، قال ابن إسحاق: فزعم بعضهم أنّ سعدا حين وجه داخلا قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ [الحرمة](٢)، فسمعها بعض المهاجرين، فقال: يا رسول الله، ما بال سعد بن عبادة أنّه لا يؤمن أن يكون له فى قريش صولة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه:
«أدركه فخذ الرّاية منه وكن أنت الذى تدخل بها من جهته التى هو بها».
وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضى الله عنه (٥٠) وكان على الفرقة اليمنى أن يدخل من أسفل مكّة، قال: وكان عكرمة بن أبى جهل وصفوان بن أميّة قد جمعا جمعا وعزموا على القتال، فلمّا دخل خالد بن الوليد لقيهم فناوشهم القتال