من بيعة الرجال بايع النساء، وكان صلّى الله عليه وسلم لا يصافح النساء ولا يمسّ امرأة ولا تمسّه امرأة من غير حلّة، فاجتمع إليه نساء قريش فيهنّ هند بنت عتبة متنكّرة، لما كان من صنيعها بحمزة فى غزاة أحد، فلمّا [دنون (١)] منه للمبايعة قال النبى صلّى الله عليه وسلم: لتبايعننى على ألاّ تشركن بالله شيئا! قالت هند: والله إنّك لتأخذ علينا أمرا ما تأخذه على الرجال! قال: ولا تسرقن! قالت: والله إن كنت لأصيب من مال أبى سفيان الهنة وما أدرى أكان ذلك حلالا أم لا؟ فقال أبو سفيان، وكان حاضرا شاهدا لما تقول: أمّا ما أصبت فيما مضى فأنت [منه](٢) فى حلّ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وإنّك لهند بنت عتبة، قالت: أنا هند بنت عتبة فاعف عمّا سلف [عفا (٣)] الله عنك! ثم قال: ولا تزنين! قالت:
وهل تزنى الحرّة؟ قال: ولا تقتلن أولادكن! قالت: قد ربيناهم صغارا وقتلوا يوم بدر كبارا وأنت بهم أعلم، قال (٤): فضحك عمر بن الخطّاب من قولها، قال: ولا [تعصيننى (٥)] فى معروف! قالت: ما جلس هذا المجلس ونحوه من شهد أنّه يعصيك! فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلم لعمر (٥٣): بايعهنّ واستغفر لهنّ الله، فبايعهنّ عمر رضى الله عنه.
قال ابن إسحاق: وأتى أبو بكر رضى الله عنه بأبيه أبى قحافة يقوده-فقد كان كفّ بصره-إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو فى المسجد، فلمّا رآه قال: هلا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟ فقال أبو بكر: بأبى أنت وأمّى يا رسول الله هو أحقّ أن يمشى إليك من أن تمشى أنت إليه! قال: