وعن عائشة قالت: لمّا استغرق صلّى الله عليه وسلم فى مرضه قال: «مروا أبا بكر فليصلّ بالناس» قالت، فقلت: يا رسول الله إنّ أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن، قال: «[مروه](١) فليصلّ بالنّاس»، قالت فأعدت عليه القول فقال:«إنّكنّ صويحبات يوسف. مروه فليصلّ بالنّاس».
قال القضاعى: وصلّى أبو بكر (٥٩) بالنّاس سبع عشرة صلاة، وكذا روى الدولابىّ أيضا.
وقال ابن إسحاق: فلمّا كان يوم الاثنين خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم عاصبا رأسه إلى صلاة الصبح، وأبو بكر يصلّى بالناس، قال فلمّا خرج صلّى الله عليه وسلم [تفرّج](٢) النّاس، فعرف أبو بكر رضى الله عنه بجعجعة النّاس واشتداد فرجهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بينهم، فنكص عن مصلاّه، فدفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى ظهره ثم قال:«صلّ بالنّاس»! وجلس صلّى الله عليه وسلم إلى جنبه فصلّى قاعدا عن يمين أبى بكر، فلمّا فرغ من صلاته أقبل على النّاس بوجهه الكريم فكلّمهم رافعا صوته: حتى خرج صوته من باب المسجد، وهو يقول: «أيّها النّاس، سعّرت النار، وأقبلت [الفتن](٣) كقطع الليل المظلم، إى والله ما تمسكون علىّ بشئ، إنّى لم أحلّ إلاّ ما أحلّ القرآن، ولم أحرّم إلاّ ما حرّم القرآن»، قال: فلمّا فرغ من كلامه دخل إلى أهله.