يقرئهما إيّاها، فلمّا سمعوا حسّ عمر تغيّب خبّاب، فلمّا دنا قال: ما هذه الهينمة (١)؟ فأنكراه، فقال: بلى! قالا: لا، فقال: قد أخبرت أنّكما تابعتما محمّدا على دينه، وبطش بسعيد، فدفعت عنه فاطمة، فضربها فشجّها، فقالا له: نعم، قد أسلمنا وآمنّا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك!
فلمّا رأى عمر الدم رقّ وقال لأخته: أعطينى هذه الصحيفة، لأنظر ما جاء به محمّد، فقالت: أخشاك عليها؟ فحلف ليردنّها، فقالت: يا أخى، أنت نجس مشرك، وما يمسّها إلاّ طاهر، فقام فاغتسل وقرأ الصحيفة، فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! فلمّا سمعه خبّاب خرج وقال: إنّى لأرجو أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيّه، فإنّى سمعته يقول أمس:«اللهم أيّد الإسلام بأبى الحكم ابن هشام أو بعمر بن الخطّاب»! فالله الله يا عمر.
فقال عمر: دلّنى يا خباب على محمّد، فدلّه عليه، فأخذ عمر سيفه وعمد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فضرب الباب عليهم، فسمعوا صوت عمر، ورآه رجل من خلل الباب، فرجع فزعا، فقال: يا رسول الله، هذا (١٢٩) عمر متوشّحا سيفه! (٢) فقال حمزة: فأذن له، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه، وإن أراد شرّا قتلناه بسيفه، فأذن له النبى صلّى الله عليه وسلم، وخرج إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلقيه فى الحجرة، فأخذ بجمع ردائه، وجذبه جذبا شديدا وقال:«ما جاء بك يا بن الخطّاب، فو الله ما أرى أن تنتهى حتى ينزل الله بك قارعة»، فقال: جئتك يا رسول الله لأومن بالله وبرسوله، وبما جاء من عند الله، فكبّر عليه السلام تكبيرة عرف