{عِبادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»}(١)، ومثلك يا عمر كمثل نوح، حيث قال: {لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ (١٣٣) مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً»} (٢). ومثل موسى قال:{رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلى أَمْاالِهِمْ، وَاُشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ، فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ»}(٣).
ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«أنتم اليوم عالة، فلا يفلتنّ أحد منكم إلاّ بفداء أو ضربة عنق»، قال عبد الله بن مسعود: إلاّ سهيل بن بيضاء، فإنّى سمعته يذكر الإسلام، فسكت النبى صلّى الله عليه وسلم، فما رأيتنى فى يوم أخوف أن تقع علىّ الحجارة من السماء منّى فى ذلك اليوم حتّى قال النبى صلّى الله عليه وسلم:«إلاّ سهيل بن بيضاء»، فلمّا كان من الغد جئت النبى صلّى الله عليه وسلم، وإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان، فقلت:
يا رسول الله، خبّرنى عن أىّ شئ تبكيان؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد تباكيت، فقال النبى صلّى الله عليه وسلم:«أبكى على أصحابى من أخذهم الفداء، ولقد عرض علىّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة»، لشجرة قريبة من النبى صلّى الله عليه وسلم.
قال ابن عبّاس: كان هذا يوم بدر، والمسلمون يومئذ قليل، فلمّا كثروا واشتدّ سلطانهم أنزل الله عزّ وجلّ:{فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ، وَإِمّا فِداءً»}(٤) فخيّر الله سبحانه نبيّه والمؤمنين فى أمر الأسارى: إن شاءوا قتلوهم واستعبدوهم، أو فادوهم، أو أعتقوهم، {لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ»}(٥)، أى: فى الّلوح المحفوظ، بأنّ الله سبحانه يحلّ لكم الغنيمة «لمسّكم» فى أخذ الغنيمة والفداء قبل أن تؤمروا «عذاب عظيم». قال صلّى الله عليه وسلم: «لو نزل عذاب من السّماء ما نجا