وبلغ المسلمين خبر الخيل، فنفذوا (١) إلى سعد خيلا فيهم عمرو بن معدى كرب، فقتلوهم جميعا.
وكان أبو محجن الثقفى محبوسا فى القصر وهو مريض، فلمّا رأى ما تصنع الخيل قال لأمّ ولد سعد: أطلقينى، ولك عهد الله، أنّى إن لم أقتل رجعت إليك ولأضعنّ رجلى فى الحديد، فأطلقته، فركب فرسا لسعد، فنظر سعد فجعل ينكر فرسه ويعرفها، فلمّا فرغوا من القتال وقتل الله رستم وهزم جيشه، دخل أبو محجن القصر، ووضع رجله فى قيده، وأنزل سعد من القصر، فسأل عن فرسه فعرف ما كان من أبى محجن، فأطلقه وآلى ألا يحبسه أبدا.
دخل ابن لأبى محجن على معاوية بن أبى سفيان، فقال معاوية: يا أهل الشّام، تدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا ابن الذى يقول:
إذا متّ فادفنّى إلى جنب كرمة ... تروّى عظامى بعد موتى عروقها
ولا تدفننّى بالفلاة فإنّنى ... أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
فقال ابن أبى محجن: أما والله لو شئت لذكرت من شعره ما هو (١٥١) أحسن من هذا، قوله:
لا تسأل الناس عن مالى وكثرته ... وسائل النّاس عن بأسى وعن خلقى
قد أطعن الطّعنة النّجلاء عن عرض ... وأكتم السرّ فيه ضربة العنق
وكان مع الفرس يوم القادسيّة ثمانية عشر فيلا.
وذكر الشّعبى أنّ الفرس كانوا يوم القادسيّة فى مائة ألف وعشرين ألفا، معهم ثلاثون فيلا، ولحقت الفرس بدير قرّة، ونهض سعد بالمسلمين فنزل بهم دير قرّة، وقسم بينهم سعد الأموال، وأعطاهم على قدر ما قرأوا من القرآن.