الأمر كان فى فترة ولم يكن فى سلطانك، فأعرض عنه، ففرّق الناس كلمة عمرو ابن العاص، وودى (١) عثمان الرجلين والجارية، وكانت حفصة ممّن شجّع عثمان على قتل أخيها عبيد الله، وكان أشدّ الناس فى أمر عبيد الله علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه، قال: اقتلوه به، فإنّ الهرمزان قد كان أسلم وحجّ، وليس للولىّ أن يعفو عن القاتل، وإنّما يدعو الولى إذا رفع إليه، فإن شاء عفا.
وكان عمر قد أوصى إلى حفصة زوج النبى صلّى الله عليه وسلم، فإن ماتت فإلى الأكبر من ولد عمر وآله. وكانت وصيّته بالربع، وقال لولده عبد الله: اضمن للمسلمين ما استسلفته من بيت مالهم، فلم يدفن عمر حتى أشهد بها عبد الله على نفسه أصحاب الشورى وغيرهم، ولم تمض جمعة من موت عمر حتى جعل عبد الله على المال الذى ضمنه عن عمر أبيه فى بيت المال، وأشهد على براءته منه، وسمع عمر رضى الله عنه حفصة تندبه وتقول: يا صاحب رسول الله، يا أمير المؤمنين، فقال: أى بنيّة، إنّى أجرح عليك بمالى عليك من الحقّ أن لا تندبينى بعد مجلسك هذا، فأمّا عيناك فلن تملكيهما، قالت عائشة رضى الله عنها: لمّا دفن عمر فى بيتى لم أضع خمارى عن رأسى، ولم أزل متحفّظة حتى بنيت بينى وبينه جدارا، وأوصى عمر رضى الله عنه عند موته أبا طلحة، وقال له: كن فى خمسين من أصحابك من الأنصار، مع هؤلاء النفر أهل الشورى، وقم على باب البيت الذى يجتمعون (٢١٣) فيه، ولا تترك أحدا يدخل معهم فيه، ولا يمض عليهم اليوم الثالث حتى يؤمّروا عليهم أحدهم، الّلهمّ أنت خليفتى عليهم.