وقوله: أحدثهم سنّا، أى أصغرهم، وكان علىّ عليه السّلام إذ ذاك لم يبلغ عشر سنين، وهذا أوّل ما بعث النبى صلّى الله عليه وسلم، وقوله: أخمشهم ساقا، الخمش دقّة الساقين، والله أعلم.
نشأ علىّ عليه السّلام فى حجر سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأنّ أبا طالب كان قد أقتر وأخلّ (١)، وجلس علىّ بمكّة، بعد أن هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثا يؤدّى الودائع التى كانت عنده، وآخى بينه وبين نفسه صلّى الله عليه وسلم وبين سهل بن حنيف الأنصارى رضى الله عنه.
وكان ابن عبّاس يقول: اجتمع لعلىّ رضى الله عنه أربع خصال ليست لغيره:
هو أوّل عربىّ [وعجمىّ](٢) صلّى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى كلّ زحف، وصبر معه يوم فرّ غيره، وغسّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأدخله قبره.
ولمّا قتل مصعب بن عمير يوم أحد، وكان اللواء معه، أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم اللّواء (٢٥١) بيده، وقال:«لأعطينّ اللواء اليوم لرجل يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله»، فتشوّف الناس من يكون ذاك؟ فأعطاه عليّا، وكان عمره يومئذ عشرين سنة، لم يتخلّف عنه صلّى الله عليه وسلم إلاّ فى غزاة تبوك، تخلّف عنه بأمره، وقال صلّى الله عليه وسلم وهو على حراء:«اسكن حراء، فما عليك إلاّ نبى أو صدّيق أو شهيد»، وكان عليه العشرة المشهود لهم بالجنّة.
وبعثه صلّى الله عليه وسلم قاضيا، قال: إنّك بعثتنى إلى قوم ذوى أسنان، وأنا حديث السّن لا علم لى بالقضاء، فقال عليه السلام: «إنّ الله سيهدى قلبك ويثبّتك،