تقولون فى المجالس كيت وكيت، فإذا جاء القتال قلتم: حيدى حياد (١)، ما عزّت والله دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، أعاليل بأضاليل، سألتمونى التأخير، دفاع ذى الدين المطول، لا يمنع الضيم الذليل، ولا يدرك الحقّ إلاّ بالجدّ، أىّ دار بعد داركم تمنعون، أم مع أىّ إمام بعدى تقاتلون، المغرور والله من غررتموه، من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب، أصبحت والله لا أصدّق قولكم ولا أطمع فى خيركم (٢)، فرّق الله بينى وبينكم، وأعقبنى من هو خير لى منكم، والله لوددت أنّ لى بكلّ عشرة منكم رجلا من بنى فراس بن غنم، صرف الدينار بالدرهم.
ولمّا بويع واجتمعت عليه المهاجرون والأنصار، تخلّف عن بيعته قوم فلم يكرههم، وسئل عنهم فقال: أولئك قوم قعدوا عن الحقّ، ولم يقوموا مع الباطل، وروى أنّه قال فيهم: أولئك قوم خذلوا الحقّ، ولم ينصروا الباطل، وكان ممّن تخلّف عن بيعته عبد الله بن عمر بن الخطّاب، فأتى به إليه ملبّبا (٣)، فقال له علىّ عليه السّلام: بايع! فامتنع، وقال: حتّى يحتمل عليك الناس. قال: فأعطنى حميلا (٤)؛ قال: لا! وكان الأشتر قد شهر عليه السيف، وقال لعلىّ: إنّ ابن عمر قد أمن سيفك وسوطك، فأمكنّى منه! فقال له علىّ: دعه! فو الله ما علمته إلاّ سيّئ الخلق صغيرا وكبيرا، وأنا حميله.