فى الصلح، واتّفاق الكلمة، واجتماع الأمر، ثم اختلفوا ولم يتّفق لهما حال، ولا انتظم لهم سلك.
فلمّا دنا سلخ المحرّم أمر علىّ عليه السّلام مرثد بن الحارث الجشمى، فنادى على الناس من أهل الشّام عند غروب الشمس: ألا إنّ أمير المؤمنين يقول لكم:
إنّى قد استدمتكم لتراجعوا الحقّ، وتثيبوا إليه، واحتججت عليكم بكتاب الله، ودعوتكم إليه، فلم [تناهوا](١) عن الطغيان، ولم تجيبوا إلى الحقّ، وإنّى قد نبذت إليكم على سواء، إنّ الله لا يحبّ الخائنين.
قال (٢): ففزع أهل الشام إلى أمرائهم ورؤسائهم، وخرج معاوية وعمرو ابن العاص فى الناس يكتبان الكتائب، ويعبئان الناس، وأوقدوا النيران، وبات علىّ عليه السّلام طول ليلته يعبّئ الناس، ويكتّب الكتائب، ويحرّض الناس على القتال، ويقول: لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم بالقتال، فأنتم بحمد الله على حجّة، وترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة أخرى لكم، فإذا قاتلتموهم وهزمتموهم، فلا تقتلوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثّلوا بقتيل، فإذا وصلتم إلى رحال القوم، فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا بيتا، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم، إلاّ ما وجدتموه فى عسكرهم، ولا [نهيّجوا](٣) امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم، فإنّهن ضعاف القوى والأنفس.
وأصبح من الغد، فبعث إلى الميمنة والميسرة، وكان ذلك فى أوّل يوم