إلاّ الأشتر، قال: فاصنعوا الآن ما شئتم أن تصنعوا، وافعلوا ما بدا لكم أن تفعلوه.
قال (١): فبعثوا إلى أبى موسى الأشعرىّ، فأحضروه، وكتبوا بينهم صحيفة تتضمّن أنّ كلاّ من الجيشين عند حكم الله وكتابه، وأنّ الحكمين يحييان ما أحيا القرآن، ويميتان ما أماته القرآن، ولا يتّبعان الهوى، ولا يداهنان فى شئ من ذلك، فإن فعلا فلا حكم لهما، وصيّروا ذلك لأجل إلى رمضان، وكان كتب الصحيفة لأيّام بقين من صفر سنة سبع وثلاثين هجريّة.
ثم مرّ (٣٠١) الأشعث بن قيس بالصّحيفة، حتى انتهى إلى مجلس بنى تميم فيه جماعة من زعمائهم، فقرأها عليهم، فجرى بين الأشعث وبين أناس منهم خطب طويل، ثم قال عروة (٢) للأشعث: أتحكّمون فى دين الله وأمره ونهيه [الرجال](٣)؟، لا حكم إلاّ الله، فكان أوّل من قالها.
ولمّا وقع أمر التحكيم، أمر علىّ عليه السّلام بالرحيل لعلمه باختلاف الكلمة، وتفاوت الرأى، وعدم انتظام أمورهم، وما لحقه منهم من الاختلاف، وكثر قول التحكيم فى جيش العراق، وتضارب القوم بالمخاصر، واجتذبوا السيوف (٤)، وتسابّوا، ولام كل فريق منهم الآخر فى رأيه، وسار علىّ رضى الله عنه يريد الكوفة، ولحق معاوية بدمشق.