وسار حتى أشرف عليهم، فقال: الله أكبر، صدق الله ورسوله صلّى الله عليه وسلم وتصافّ القوم، فوقف عليهم بنفسه، ودعاهم إلى التوبة، فأبوا ورموا أصحابه بالنبل، فقيل له: قد رمونا، فقال لهم: كفّوا عنهم، وكرّر القول عليهم ثلاثا، حتى أتى رجل [متشحّط](١) بدمه، فقال علىّ عليه السّلام: الله أكبر، الآن حلّ قتالهم، احملوا عليهم، وحمل رجل من الخوارج، وهو يقول:
أضربهم ولو أرى عليّا ... ألبسته أبيض مشرفيّا
قال: فخرج إليه، وأجابه (٣٠٧) يقول:
يا أيّهذا المبتغى عليّا ... [إنّى](٢) أراك جاهلا شقيّا
قد كنت عن لقائه غنيّا ... هلم فابرز [هاهنا](٣) إليّا
وشدّ عليه فقتله، ثم أتوا عليهم جميعا، فلم يفلت منهم إلاّ عشرة، ولم يقتل من أصحاب علىّ عليه السّلام غير عشرة، ومرّ عليهم علىّ وهم صرعى، فقال:
لقد صرعكم من غرّكم، قالوا: ومن غرّهم يا إمام؟ قال: الشيطان، وأنفس السوء، فقال أصحابه: قطع دابرهم إلى يوم القيامة، فقال علىّ عليه السّلام:
والذى نفسى بيده، إنّهم لفى أصلاب الرجال وأرحام النساء، لا تخرج خارجة إلاّ خرجت بعدها مثلها، حتى تخرج خارجة من الفرات ودجلة، مع رجل يقال له [الأشمط](٤)، فيخرج إليهم رجل من أهل البيت، فيستأصلهم، ولا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة.