ملكا يكلؤهما، فقام النبىّ صلّى الله عليه وسلم، فأتى الحظيرة، فإذا هما نائمان متعانقان، وإذا الملك الموكّل بهما قد بسط لهما أحد جناحيه، وأظلّهما بالآخر، فأكبّ عليهما النبى صلّى الله عليه وسلم يقبّلهما، حتى انتبها من نومهما، فحمل الحسن على عاتقه الأيمن، والحسين على عاتقه الأيسر، وقال:«والله لأشرّفكما، كما شرّفكما الله عزّ وجلّ»، فتلقّاه الصدّيق رضى الله عنه فقال: يا رسول الله ناولنى أحد الصبيين، أخفّف عنك، فقال صلّى الله عليه وسلم:«نعم المطيّة مطيّتهما، ونعم الراكبان، وأبوهما خير منهما»، وذكر حديثا (٣٢٣) طويلا.
وعن أم أيمن قالت: جاءت فاطمة بالحسن والحسين، رضوان الله عليهم، إلى النبى صلّى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، انحلهما، فقال:«نحلت هذا الكبير المهابة والحلم، ونحلت هذا الصغير المحبّة والبهاء».
وعن ابن عبّاس رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «أحشر أنا والأنبياء فى صعيد واحد، فينادى مناد: معاشر الأنبياء تفاخروا بالأولاد، فأفتخر بولدىّ الحسن والحسين».
قلت: هذا صبح لا يحجب فلقه، وسائغ لا يستوعب طلقه، ولا معدل بالسيادة عن رضيعى ثدى التقى، وربيبى حجر الهدى، إذ كلّ فضيلة فإلى أرومتهما انتسابها، وعلى جرثومتهما عرضها وحسابها. ولو وقفت كتابى هذا فى ربوع مجانيها، ما تلبثت إلاّ يسيرا، حتّى يسقط حسيرا، كما أنّى لو وكلته بتسمية المقدّسين بولادهما، المقتبسين من سادتهما، من غير إلمام بذكر مناقبهم، التى كثّرت بحوم الرفيع، وغرقد البقيع، لم نقض فى ذلك بحثا، بل لم يأت على بعضه إلاّ سحبا، ومن أقرّ به عين مصطفاه، فقد بلغ من النجابة والسيادة،