للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشام. لولا قدر الله، فما حملك على هذا؟ فقالت: يا أمير المؤمنين، يقول الله عز وجل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ،} وإن اللبيب إذا كره أمرا لا يحب إعادته. قال: صدقتى فاذكرى حاجتك.

فقالت إنه كانت صدقاتنا تؤخذ من أغنياينا فتردّ على فقراينا، وإنا قد فقدنا ذلك فما عاد يجبر لنا كسيرا، ولا ينعش لنا فقيرا. فإن كان ذلك عن رأيك فمثلك من انتبه من الغفلة وراجع التوبة، وإن كان عن غير رأيك فمثلك لا يستعمل الخونة ولا يستعين بالظلم. فقال معوية: يا هذه، إنه يفوتنا من أمور رعيّتنا أمور تنفتق وبحور تتدفق. قالت: يا سبحان الله، ما فرض لنا حق، وفيه ضرر لغيرنا، وهو علاّم الغيوب. قال معوية: هيهات يا أهل العراق، إنى أرى تنهدكم على علىّ لما أفسدكم به من الحلم والإغضاء، ولولا الحلم لم تطاقوا. ثم أمر برد صدقاتهم فيهم وأنصفهم، وأكرمها وسرحها إلى العراق.

وقيل إن معوية رضى الله عنه سأل لعدى بن حاتم الطائى، قال: إن علىّ كان يريد يدخلك فى الحكومة، ما الذى كنت تصنع؟ (٣٥) قال: يا أمير المؤمنين، إن إرادة الله تعالى سبقت، وقد جرى ما جرى. فلم تسأل عن أمر لا وقع أن لو كان كيف يكون؟ فقال معوية: ناشدتك الله ما الذى

(٧) يفوتنا: فى العقد الفريد ٢/ ١١٢: «ينوبنا»

(٨) تنفتق: فى العقد الفريد ٢/ ١١٢: «تنبثق»

(١١) أنصفهم: فى العقد الفريد ٢/ ١١٢: «إنصافها»