المهاجرين والأنصار وبدأ بأهل البيت. فأراد أعرابى أن يدخل معهم إلى أبى بكر فمنع، وجاء عبد الله بن جعفر وهو صبى. فلما رآه الصديق بالباب قال: مرحبا بابن الطيار ادخل. وسمعهما الأعرابى فقبض على يد عبد الله بن جعفر وهو لا يعرفه. فأنشأ يقول <من الطويل>:
ألا هل أتى الطيار أنّى مجلأّ ... عن الورد والصدّيق يرا ويسمع
وما ضرّ أن لم يأته ذاك فابنه ... نهوض بعبء الجار ندب سميدع
فقال له ابن جعفر رضى الله عنه: كن بمكانك يا أخا العرب، ودخل فأعطاه الصديق رضى الله عنه ألف درهم، فخرج فأعطاها الأعرابى. قول الأعرابى فى شعره: مجلأّ أى مطرود. وقوله: نهوض بعبء الجار، العبء الثقيل الذى لا مزيد عليه لحامله. وقوله: ندب: هو الذى ينتدب (١٥٥) فى الأمور ويسارع إليها. وقوله سميدع: هو السيد الشريف.
ثم ترقت حال عبد الله رضى الله عنه فى السخاء إلى أن سمى معلّم الكرم. وعوتب فى السخاء. فقال: إن الله عز وجل عوّدنى أن يفضل علىّ وعوّدتّ عباده أن أفضل عليهم، فأخاف أن أقطع العادة عنهم فيقطع العادة عنى. وقال عندما كبر وأنفذ ماله فى المسجد بعقب صلاة الجمعة: رب إنك عوّدتنى عادة وعوّدتّ عبادك عادة فإن قطعتها عنّى فلا تبقنى. فمات قبل عود يوم الجمعة الأخرى.
(١٤ - ١٨) فقال. . . الأخرى: انظر العقد الفريد ١/ ٢٢٥؛ مروج الذهب ٣/رقم ٢١٣٩