وعلى هذا الخليج الذى يسمّى بحر فارس من البلاد: البحرين، وعمان، وسيراف، وكرمان، ومن عمان إلى سيراف ستّون ومائة فرسخ، ومن سيراف إلى البصرة أربعون ومائة فرسخ، وفيه من الأمم والجزائر ما لا تحصى، وفيه مغاص اللؤلؤ فى جزيرة كيش، (١) قال: ولا يكون ذلك فى جميع السنة بل من أوّل يوم من نيسان إلى آخر أيلول لا غير.
واختلفوا فى اللؤلؤ على قولين: أحدهما: أنّه من حيوان فى البحر يقال له البلبل وفيه لحم ويخاف على ما فيه من الدرّ من الغاصة كما تخاف المرأة على جنينها، القول الثانى: إنّه يتولّد من الأمطار إذا وقع المطر فى نيسان ارتفع الصدف إلى وجه الماء فيفتح فاه فيقع فيه المطر، فمن الصدف ما يضمّ على ما وقع فى فيه ويغوص ويقيم طول السنة يحفظ نفسه من استنشاق الهواء حتّى يأتى على نيسان وقد انعقد فى باطنه اللؤلؤ، ومن الصدف من يشتاق إلى النسيم فيصعد على وجه الماء فيفتح فاه ويستنشق النسيم فيفسد ما فيه، والأوّل أصحّ لأنّ الغوّاصين يستخرجون هذا الحيوان من البحر ويأكلون لحمه ويأخذون اللؤلؤ من جوفه، ويحتمل أنّ اللؤلؤ يتولّد من المطر والحيوان جميعا.
القسم الثالث من هذا البحر يقال له بلاذرى وليس فى البحر الحبشى أعظم مجرى للماء منه.
والقسم الرابع (١٤٣) يعرف بكندر لاوى وفيه العنبر الخام، واختلفوا أيضا فيه، فمنهم من قال إنّه حثا سمك فى البحر وتقذفه الأمواج إلى سواحل معروفة فيه فيلقطونه أهل تلك الديار ويبيعونه على طلابه من التجّار، ومنهم من قال إنّ أصله حشيشا فى جزائر ذلك البحر وإنّ السمك إذا رعاه وتكوّن فى