وعن حمّاد عن أبيه قال: ذكر السعيدىّ أن الوليد بن عبد الملك قدم مكة، فأراد أن يأتى الطايف فقال: هل من رجل عالم يخبرنى عنها؟ فقالوا: عمر بن أبى ربيعة. قال: لا حاجة لى به. ثم عاد فسأل، فذكروه. فقال: هاتوه. فركب معه فجعل يحدّثه. ثم حوّل عمر رداءه ليصلحه على نفسه. فرأى الوليد على ظهره أثرا. فقال: ما هذا الأثر؟ قال: كنت عند جارية لى إذ جاءنى جارية برسالة من جارية أخرى، وجعلت تسارّنى، فغارت التى كنت عندها، فعضّت منكبى، فما وجدت ألم عضّها من لذة ما كانت تلك تنفث فى أذنى حتى بلغت ما ترى.
فضحك الوليد. فلما رجع عمر قيل له: ما الذى كنت تضحك (١٨٨) به أمير المؤمنين؟ قال: ما زلنا فى حديث الزّناء حتى رجع. وكان حمل الغريض معه. فقال له: يا أمير المؤمنين، إنّ عندى أجمل الناس وجها وأحسنهم حديثا. فهل لك أن تسمعه؟ قال: هاته. فدعا به فقال: أسمع أمير المؤمنين أحسن شئ قلته. فاندفع يغنّى بشعر جميل <من الكامل>:
إنّى لأحفظ سرّكم ويسرّنى ... لو تعلمين بصالح أن تذكرى
ويكون يوم لا أرى لك مرسلا ... أو نلتقى فيه علىّ كأشهر
يا ليتنى ألقى المنيّة بغتة ... إن كان يوم لقاكم لم يقدر
ما كنت والوعد الذى تعديننى ... إلاّ كبرق سحابة لم تمطر
تقضى الدّيون وليس ينجز عاجلا ... هذا الغريم لنا وليس بمعسر
(١ - ١٤،٢٨٣) السعيدىّ. . . قط: ورد النص فى الأغانى ١/ ١١٢،٢/ ٣٩٥ - ٣٩٦،٣٩٨
(٢) هل. . . عنها: فى الأغانى ١/ ١١٢: «هل لى فى رجل علم بأموال الطائف فيخبرنى عنها؟»، انظر هناك حاشيتين ٢ - ٣
(١٥ - ١٩) إنّى. . . بمعسر: وردت الأبيات فى ديوان جميل بثينة ٦٠ - ٦١
(١٥ - ١٧) إنّى. . . يقدر: وردت الأبيات أيضا فى الأغانى ٨/ ١٠٢ مع بعض الاختلاف