روى أن سليمان بن عبد الملك لما صار الأمر إليه، أحضر يزيد بن أبى مسلم كاتب الحجاج بن يوسف وأخيه من الرضاع، وذلك كان (٢١٨) فى نفس سليمان من الحجاج فى أيام أبيه عبد الملك وأخيه الوليد. فلما مثل بين يديه اقتحمته عينه فقال: تسمع بالمعيدى لا أن تراه، لعن الله امرءا أجرّك رسنه. فقال يزيد: مه يامير المؤمنين، إنما نظرت إلىّ والأمر عنى مدبر وعليك مقبل. فلو نظرت إلىّ والأمر علىّ مقبل وعنك مدبر لاستسمنت ما استهزلت، واستعظمت ما استصغرت، واستهولت ما استحقرت. فقال سليمان: عزمت عليك يابن أبى مسلم، أاستقر الحجاج فى قاع جهنم أم بعد هاويا على أم رأسه؟ فقال: لا تقل ذلك يامير المؤمنين فى الحجاج، فإنه مهد لكم الأرض، ووطد لكم الأمر، وبذل لكم النصيحة، وإنه ليأتى عن يمين أبيك ويسار أخيك، فضعه حيث شيت. فقال سليمن: وقد ازورّ حنقا، اغرب إلى لعنة الله. وأطرق ساعة.
ثم قال: اخلوا عنه وأطلقوا سبيله لا أم له، فلقد أثمرت فيه الصنيعة.
وأحسن المكافأة عليها حيا وميتا.
وكان يزيد هذا كاتبا للحجاج بن يوسف وكان أخاه من الرضاعة.
وكان الحجاج يجرى له فى كل شهر ثلثماية درهم. فكان يعطى منها
(٨ - ٩) أاستقر. . . رأسه: فى وفيات الأعيان ٦/ ٣١٠: «أترى صاحبك الحجاج يهوى بعد فى نار جهنم أم قد استقر فى قعرها؟»