للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحلا من العسل وألذّ رائحة من الكافور وليس بهذه الأرض إنس، وإنّما حكى ذلك عن من يتوه فى البحار من التجّار وتسوقهم الأقدار إلى تلك الديار.

وقال: إنّ بتلك الديار خلق على صورة النساء يقال لها بنات الماء كالنساء الحسان ذوات شعور سبطة لها فروج عظام الخلق وثدى كالنهود وبطون حسان لا يغادر الإنسان أنّها كالنساء البديعات فى الحسن الفائقات فى الجمال وأحسن منظرا وأرطب جسما وأرقّ بشرة وأنعم لمسا كلامها قهقهة وضحكا كأعذب ما يكون من يسمعه لذّة.

قال المسعودى: (١٥٥) (١) حكى لى بعض ربانين المراكب ممّن لا أشكّ فى قوله لدينه وسمته، قال: إنّ الريح ألقهم فى بعض السنين إلى جزيرة فيها شجر وأنهار عذبة فسمعوا ضوضاه (٢) وضحكا لذيذا فكمنوا حتى صادوا من تلك البنات اثنتين وأوثقوهما ربطا وأقامتا مع أولئك الذين صاداهما برهة وعادا يقعان عليهما فى كلّ وقت ويجدان لهما لذة عجيبة، وإنّ أحدهما وثق بصاحبته ورقّ لها فحلّ وثاقها فجرت نفسها فى البحر وتركته ولم يرها بعد ذلك وبقيت الأخرى عند صاحبها مستوثقا منها بالشدّ ووصل بها إلى بلده، ثم أقامت عنده مدّة طويلد وفهمت الكلام وعادت تتكلّم كالكلام المفهوم وأحبّها صاحبها حبّا شديدا حتى لا عاد يطيق الصبر عنها وعلقت منه وولدت له مولود لم ينظر أحسن منه ولا اللطف (٣) شكلا وصار له من العمر حولا فعاود الرجل السفر فى البحر واستصحبها معه وهو قد وثق بها لطول مكثها عنده ولأجل ولدها، فلمّا كان بالمكان الذى يقرب من المكان الذى أخذها منه لم يشعر بها إلاّ وقد استنشقت نسيم ذلك المكان وضربت بعينها نحو البحر واضطربت واعتقلت ولدها ونهظت (٤) كالبرق الخاطف


(١) أخبار الزمان ١٧،٨
(٢) ضوضاه: ضوضاء
(٣) اللطف: ألطف
(٤) نهظت: نهضت