وفى هذه السنين التى كان عبد الرحمن فيها مشغولا بحرب يوسف، استرجع الفرنج أهل جلّيقيّة من المسلمين نحو خمسين مدينة وبنى البلاد المعروفة قشتالة. وخرج على عبد الرحمن عبد الغفّار اليحصبى وحيوة بن الملامس، واجتمع معهما جميع اليمانية، وقصدا قرطبة فسار إليها عبد الرحمن وقدم بين يديه عبد الملك بن عمر وأردفه (٢٩٨) بولده أمية، وكان على مقدمة الجيش. فلما لقيهم أمية انهزم وعاد إلى أبيه فقال له أبوه: أو ما كان معك من الثبات مقدار ما ترسل إلىّ فأنجدك مع قربى منك. وما أظنك هربت إلا من الموت وو الله لا فاتك. ثم قدمه فضرب رقبته بين يديه، واستدعى رجال قومه وعسكره ومواليه ومن انضم إليه من بنى أمية وقال لهم:
ألم تعلموا أنكم كنتم أصحاب الدنيا وملوك الأرض؟ فلم تزالوا بتخاذلكم وعدم التفاتكم إلى ما يظهر من فضايح الانهزام منكم، حتى خرجت مملكتكم عن أيديكم. ثم لم يبق معكم إلاّ هذا الطرف من الأرض، أفتتركونه لهذه السفلة الأوباش يغلبونكم عليه؟ فشلّ كلامهم، وتكلموا بينهم بأن قالوا: إذا كان هذا فعل بابنه ما فعل فما تراه يفعل بأحدنا إذا انهزم.
(١) الصميل: انظر أخبار مجموعة ١٠١
(٣) جلّيقيّة: انظر الروض المعطار ص ٦٦ - ٦٧؛ نهاية الأرب ٢٣/ ٣٣٧ حاشية ٣