على قرطبة فحفر، وسليمان المستعين مع البربر وقد جاسوا خلال الديار.
ولم يبقوا من البلاد غير الآثار فى مدة ثلث سنين، والأحوال بقرطبة تضيق بعد انشراحها. والأرض قد فسدت بالفتن فحصل اليأس من صلاحها.
ثم إن المستعين قصد قرطبة بمجموعة من البربر فلم يتمكن منها.
فقصدوا الزهراء، وبها مغاور العامرى من قبل المؤيد، (٣٢٠) ومعه طارق الخليفة فاستولى عليهما وقتلهما وسكنها، ومعه البربر، وأخذ يقاتل قرطبة كل يوم، وواضح ينوب حربه فيها، إلى أن ثار عليه الأجناد مع ابن وداعة فقتلوه فى السطح فى المكان الذى قتل فيه المهدى يوم الثلثاء النصف من ربيع الأول سنة اثنين وأربعماية. وكان عبد الرحمن بن سنوه مع سليمان، فهرب منه وصار إلى قرطبة. واتفق هو وابن وداعة على التدبير، ثم عمل ابن سنوه على بن وداعة فقتله وتولى حرب المستعين. ثم اضطرب الجيش عليه وزادت أحوال الناس اضطرابا، وبلغت الخبزة ثلثة دراهم ونصف بالنقد الهاشمى.
وكان خروج سليمان بالبربر فتنة دهم أهل الأرض ظلامها، وأمطر عليهم غمامها. ولقد قيل: إن البربرى كان يلقى النار ليحرق الزرع والنبات فيحرق مع ذلك ما شاء الله من جنات وزروع ومقام كريم. وكانوا قال الأسعد بن بلّيطة فيهم <من السريع>:
(٧) ابن وداعة: فى نهاية الأرب ٢٣/ ٤٢٨: «ابن أبى وداعة»
(١٧) عن الأسعد بن بليطة قارن المغرب ٢/ ١٧؛ وفيات الأعيان ٥/ ٤٢ حاشية ٣