الأنباء. ذلك أنّ التوافق بين الكتابين يبلغ أحيانا حدّ التطابق اللفظي؛ لكنّ الكتابين يختلفان أحيانا أيضا اختلافا كبيرا فيما يتعلّق بمدّة ولاية الوالي أو القاضي.
وترد عند ابن الدواداري في الجزء الخامس أخبار عن أقباط مصر لا نجدها في غير كتاب سعيد بن البطريق (-٣٢٨ هـ) وصلته ليحيى بن سعيد (-٤٥٨ هـ).فربّما رجع ابن الدواداري في ذلك إلى هذين المؤلّفين.
المصادر الأدبية: يستعمل ابن الدواداري كتب الأدب والسمر استعمالا واسعا. وهو يقصد من وراء ذلك التقليل من جفاف المادة التاريخية ذات المرمى السياسي، كما أنّ القصص والأشعار عنده تلقي أضواء على الشخصيات التي يتعرض لها في الجزء السياسي من التاريخ، وتكشف جوانب من الحياة الثقافية في عصر الخلفاء العباسيين. ولابن الدواداري اهتمام خاصّ بالطرائف الأدبية والتاريخية، التي لا تغيب لدى المؤرخين المسلمين في العادة. فالطبري (-٣١٠ هـ) مثلا يقدّم في عمله التاريخي المشهور أخبارا واستطرادات كثيرة من هذا النوع. بيد أنّ «الطرفة» تحتل لدى ابن الدواداري مكانة خاصة تفوق المتعارف عليه لدى المؤرخين. ومرجع ذلك إلى شخصية ابن الدواداري نفسه. فهو في الأصل أديب، سبق له قبل كتابته لكنز الدرر، أن جمع عدة كتب في أدب السمر والطرائف. وهو يحيل في جزء تاريخه الخامس هذا على ثلاثة من تلك المؤلفات أولها:«أمثال الأعيان، وأعيان الأمثال».وقد اقتبس فكرة الكتاب من «كليلة ودمنة» وقسمه إلى عشر محاضرات، بطلاها تنّين يلقّبه «ناطق الظنين»،وثعلب يلقّبه «حاذق الأمين».ويبدأ الكتاب المجموع هذا بأشعار عن الفصول الأربعة، ثم يتلو ذلك فصل في «الأوائل» رجع إليه ابن الدواداري مرارا في جزئه الخامس هذا. وقد رجع ابن الدواداري أيضا في هذا الجزء إلى أقسام أخرى من كتابه «أمثال الأعيان»؛من مثل تقريره الطويل عن البرامكة. أمّا الكتاب الثاني الذي يذكره في الجزء الخامس من كتب