وتاريخ دمشق الكبير لابن عساكر (-٥٧١ هـ)؛اللذين قلّ ما رجع إليهما ابن الدواداري مباشرة في الجزء الخامس باستثناء مرة واحدة ربما اقتبس فيها عن «تاريخ بغداد» بشكل مباشر. وربما عاد ذلك إلى أنّ طرائق الخطيب وابن عساكر في التراجم هي طرائق المحدّثين التي لا يستسيغها ابن الدواداري ذو المزاج الأدبي الباحث عن النادرة والطرفة، وعن الترجمة المسبوكة المصوغة.
ومن هنا كان لجوؤه إلى ذلك النوع من كتب التراجم الذي يرضي ميوله الأدبية من مثل «وفيات الأعيان» لابن خلكان (-٦٧١ هـ)،والتاريخ المظفّري للقاضي ابن أبي الدم (-٦٤٢ هـ).ومع أنه لا يذكر «وفيات الأعيان» غير مرتين في الجزء الخامس؛ فقد اتضح لي بالمقارنة أنه كثيرا ما يقتبس منه دونما ذكر له.
وهو يذكر ابن أبي الدم في مناسبتين: الترجمة لصاحب الزنج، وذكر التحدّر النسبي لأحمد بن طولون والي مصر (٢٥٤ - ٢٧٠ هـ).ولم نستطع معرفة ما إذا كان قد استعمل تاريخ ابن أبي الدم في مواطن أخرى لأنّ عمله لم يصل إلينا، وأخبار المصادر عنه أنه عمل ضخم كان يقع في ستة مجلّدات.
أمّا في أخباره عن الوزراء فيرجع ابن الدواداري إلى «كتاب الوزراء» للصولي (-٣٣٥ هـ)؛وهو كتاب ضائع. ويرجع في أخباره عن الفلكيين إلى كتاب القاضي صاعد بن أحمد بن صاعد (-٤٦٢ هـ): «طبقات الأمم».لكنه يذكر لصاعد كتابا آخر، لا تذكره المصادر، باسم «الملل والنحل» ينقل عنه أخبارا عن ابن عبد ربّه (-٣٢٨ هـ).وكثيرا ما يلجأ في المعلومات عن الأشخاص إلى كتب الأدب والشعر كما فعل بالنسبة لكتابي الأغاني ويتيمة الدهر؛ مما سبق ذكره.
وابن الدواداري أمين تجاه مصادره. لكنّه يختصر النصّ أحيانا، ويزيد فيه بضع كلمات أحيانا أخرى. وتأتي استطراداته متكلّفة أحيانا في استهلالاتها