{بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ.} وأما قول أبي العبّاس هل أولغت الكلاب دم أبي نخيلة؟ فإنّه تعجّب من سرعة زوال غضبه على أبي نخيلة فكأنّه يقول: هل شفيت غيظك من أبي نخيلة حتّى تعود للعب؟ (٩) وقول أبي جعفر: «لا ولكنّك أدّبتني» أراد: أنت أمرتني أن لا أظهر غضبي فأمسكت. وإنّما قصد أبو سلمة بإنشادهما الأبيات المذكورة ليرى همّتهما وما عندهما إذا سمعا مدح بني أميّة. وكان بنو أميّة إذ ذاك ملوكا ودعاة بني العبّاس يدعون الناس إلى خلع بني أميّة والخروج عليهم وأبو سلمة وسليمان بن كثير سيّدا دعاة بني العبّاس.
وروي أنّ أبا نخيلة الشاعر المقدّم ذكره وفد على أبي العبّاس السفّاح عندما أفضت إليه الخلافة فلمّا مثل بين يديه استأذنه في الإنشاد فقال له: من أنت؟ فقال: عبدك وشاعرك أبو نخيلة يا أمير المؤمنين! فقال أبو العبّاس: لا قرّب الله الأبعد! ألست القائل: «أمسلم يا من ساد كلّ خليفة؟!» وأنشده الأبيات المذكورة، فقال أبو نخيلة: نعم يا أمير المؤمنين وأنا الذي أقول (من الرجز):