اختلف في نسب أبي مسلم اختلافا كبيرا. وقد تقدّم من ذكره ونسبه ومبتدأ أمره وسبب وصوله إلى إبراهيم الإمام في الجزء الثالث من هذا التاريخ، مما يغني <عن> إعادته هاهنا. وإنما نذكر هنا اختلاف الناس في نسبه ملخّصا. زعم قوم أنه من العرب. وقيل هو من العجم. وقيل من الأكراد. فأمّا من جعله من العرب فيوصله بسليط بن عبد الله بن عبّاس. وأمّا من جعله من العجم فيوصله إلى بزرجمهر بن البختكان الفارسي؛ وهو الصحيح؛ وقد تقدّم ذلك. وأمّا من جعله من الأكراد فيستدلّ بقول أبي دلامة فيه (من الطويل):
أبا مجرم ما غيّر الله نعمة ... على عبده حتّى يغيّرها العبد
أفي دولة المنصور حاولت غدره ... ألا إنّ أهل الغدر آباؤك الكرد
أبا مجرم خوّفتني القتل فانتحى ... عليك بما خوّفتني الأسد الورد
لمّا توفّيت آسية عمّة المنصور مشى المنصور في جنازتها فلمّا وقف على حفيرتها وأبو دلامة واقف أيضا على الحفيرة فنظر إليه المنصور وقال: أبا دلامة! ما أعددت لهذه الحفيرة؟ فقال: عمة أمير المؤمنين يأتون بها في هذه الساعة! فضحك المنصور من وسط البكاء.
وروي أنّ المنصور أمر سائر الخصيصين به أن يلبسوا أقباعا طوالا، ويقيموا عليها، ولا يفارقوا لبس السواد، مكتوب بالبياض في ظهورهم: