ومن أخبار بشّار بن برد عن قعنب بن محرز الباهلي قال، قال الأصمعي:
لقي أبو عمرو بعض الرواة فقال له: يا أبا عمرو! من أبدع الناس بيتا؟ قال:
الذي يقول (من الرمل):
لم يطل ليلي ولكن لم أنم ... ونفى عنّي الكرى طيف ألم
روّحي عنّي قليلا واعلمي ... أنّني يا عبد من لحم ودم
قال: فمن أمدح الناس؟ قال: الذي يقول (من الطويل):
لمست بكفّي كفّه أبتغي الغنى ... ولم أدر أنّ الجود من كفّه يعدي
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت وأعداني فبذّرت ما عندي
(٥٩) قال: فمن أهجى الناس؟ قال: الذي يقول (من الطويل):
رأيت السهيلين استوى الجود فيهما ... على بعد ذا من ذاك في حكم حاكم
سهيل بن عثمان يجود بماله ... كما جاد بالوجعى سهيل بن سالم
قال: وهذه الأبيات كلّها لبشّار. وعن أبي حاتم قال؛ كان بشّار كثير الولع بديسم العنزيّ؛ وكان مع ذلك صديقا له وهو يكثر هجاءه؛ وكان ديسم لا يزال يحفظ شيئا من شعر حمّاد وأبي هاشم في بشّار فبلغه ذلك فقال فيه (من الطويل):
أديسم يا ابن الذئب من نجل زارع ... أتروي هجائي سادرا غير مقصر؟!
قال أبو حاتم، فأنشدت أبا زيد هذا البيت وسألته ما يقول فيه فقال: لمن هو؟ قلت: لبشّار في ديسم العنزيّ! فقال: قاتله الله ما أعلمه بكلام العرب! ثم