أظهرها لهم بالسحر والنيرنجات. وكان في جملة ما أظهره لهم صورة قمر يطلع فيراه الناس من مسافة شهرين من موضعه ثم يغيب! فعظم في أعينهم واشتدّ اعتقادهم فيه. وهذا القمر الذي عناه أبو العلاء المعرّي في شعره فقال (من الطويل):
أفق إنّما البدر المقنّع رأسه ... ضلال وغيّ مثل بدر المقنّع
وكقول ابن سناء الملك (من الطويل):
إليك فما بدر المقنّع رأسه ... بأسحر من ألحاظ بدري المعمّم
فلمّا اشتهر المقنّع، وانتشر ذكره ثار عليه الناس، وقصدوه في قلعته التي كان اعتصم بها وحصروه؛ فلمّا أيقن بالهلاك جمع أهله ونساءه وسقاهنّ سمّا فمتن منه من ساعتهنّ. ثم تناول (٦٣) شربة منه فمات، ودخل المسلمون قلعته فقتلوا من فيها من أتباعه وأشياعه في هذه السنة. فنعوذ بالله من مكر الله والخذلان.
ومن أخبار بشّار عن أبي عبد الرحمن التيميّ قال: دخل بشّار إلى إبراهيم بن عبد الله بن حسن فأنشده قصيدة يهجو فيها المنصور، ويشير عليه برأي يستعمله في أمره حين ظهوره على المنصور، فلمّا قتل إبراهيم خاف بشّار فقلب الكائنة وأظهر أنها في أبي مسلم الخراساني وحذف منها أبياتا وأولها يقول (من الطويل):
أبا جعفر ما طول عيش بدائم ... ولا سالم عمّا قليل بسالم
على الملك الجبّار يقتحم الردى ... ويصرعه في المأزق المتلاحم
كأنك لم تسمع بقتل متوّج ... عظيم ولم تعلم بفتك الأعاجم