عقله ويتبيّن فيه كالجنون. ويلقّب أيضا المخدوع لهذا السبب. أمّه أمّ ولد من مولّدات المدينة يقال لها خيزران. وقيل هي بنت عبد العزيز بن طارقة الحرشي. وهي إحدى الثلاثة اللاتيّ (٨٧) كلّ منهنّ ولدت خليفتين كما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. بويع له بمدينة السلام وهو مقيم بحرّان في شهر الله المحرّم من هذه السنة. وكان وليّ عهد أبيه المهدي وبعده الرشيد هارون أخوه. وأقام له البيعة أخوه الرشيد ببغداد وبعث بها إليه مع نصير مولاه.
خلافته سنة وشهرا وأياما. تزوّج أمة العزيز فأولدها يحيى ثم رحيم فأولدها جعفرا-وهو الذي قصد أن يأخذ له البيعة ويخلع أخاه الرشيد حسبما تقدّم من الكلام في ذلك؛ وشغوف فأولدها العبّاس. اشترى جارية بألف دينار، وكانت شاعرة، وشغف بها شغفا شديدا دون سائر نسائه، ورزق منها عدة بنات منهنّ أمّ عيسى تزوّجها المأمون. وكان له من أمّهات الأولاد عبد الله وإسحاق وإبراهيم.
وكان شرّيرا. ومن نكت التاريخ أنه ذكر بحضرته ذات يوم من بعض ندمانه أنه قال ما يمضي يوم من الدهر على أحد إلاّ ولا بدّ من نكد يحصل له فقال الهادي: هذا كلام مستحيل! أنا قادر على أن تمضي عليّ أيام بغير نكد ثمّ إنه أمر من الغد أن يهيّأ له مجلس في قصره الأبيض، ويوضع فيه جميع ما يحتاج إليه من سائر الطيبات من المآكل والمشارب وسائر أنواع الرياحين، وأن لا يرفع إليه أحد خبرا من أخبار الدنيا، ولا يدخل عليه داخل. واختلى مع تلك الجارية التي كان مشغوفا بها في ذلك المجلس المهيّأ له، وعاد معها في ألذّ عيش وأهناه تغنّي له وتسقيه ولم يكن بينهما ثالث، ولا دخل عليهما داخل، ولا طولع بخبر. ولم يزالا على مثل ذلك إلى أن تقوّض النهار فبينا هما كذلك إذ أخذت الجارية حبّة رمّان للتنقّل بها فشرقت بها وفاضت نفسها من وقتها وساعتها.
فحصل عليه من ذلك ما لا يحصل (٨٨) على بشر، ومشى في جنازتها إلى