وعن العبّاس بن الفضل بن الربيع قال، حلف الرشيد لا يدخل إلى حظية له أياما، وكان لها مكان في قلبه، فمضت الأيام ولم تسترضه، فأحضر جعفر بن يحيى وعرّفه الخبر وأنشده شعرا عمله وقال: أجزه لي، وهو (من الرمل):
صدّ عنّي إذ رآني مفتتن ... وأطال الصبر لمّا أن فطن
كان مملوكي فأضحى مالكي ... إنّ هذا من أعاجيب الزمن
فقال جعفر: يا أمير المؤمنين! إنّ أبا العتاهية محبوس بلا جرم وهو أقدر الناس على أن يأتي بشيئ مليح في هذا المعنى. قال: وجّه إليه البيتين ودعه يجزهما! فوجّه بهما إليه فلمّا قرأهما أبو العتاهية كتب تحتهما يقول (من الرمل):
ضعف المسكين عن تلك المحن ... لهلاك الروح منه والبدن
ولقد كلّفت شيئا عجبا ... زاد في النكبة واستوفى المحن
قيل فرّحنا ويأبى فرح ... أن يواتيني من بيت الحزن
فلمّا قرأ الرشيد الأبيات استحسنها وأمر بإطلاقه وصلته وحضوره فحضر فقال: أحزنتني! قال: الآن أطاع الفكر وطاب القول، وقال (من الرمل):