وكانت في حياتك لي عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيّا
قيل لبعض الحكماء: ما أبلغ العظات؟ قال: النظر إلى محلّة الأموات. (٩٦)
حدّثني سيّدي الشيخ أحمد بن محمد الدمشقي رفيق الشيخ شعبان قدّس الله روحهما في دمشق بجامع بني أمية سنة اثنتي عشرة وسبعمائة قال، مررت في سياحتي في بلاد بخارى بالجبّانة فنظرت إلى قبر أعجبتني هيئته يدلّ على أنّ صاحبه ملك، ورأيت عليه مكتوبا بالفارسي هذه الأبيات (من المنسرح):
يا أيّها الناس كان لي أمل ... قصّر بي عن بلوغه الأجل
فليتّق الله ربّه رجل ... أمكنه في حياته العمل
ما أنا وحدي نقلت حيث ترى ... كلّ إلى مثله سينتقل
فقال الشيخ شعبان رضي الله عنه، وقرأت أيضا على قبره الأبيات (من الكامل):
يا ساكنا سكن البلى وبقيت ... لو أفن من جزع عليك فنيت
يعزز عليّ بأن أراك بمنزل ... سكّانه حتّى المعاد صموت
الحيّ يكذب لا صديق لميّت ... لو كان يصدق مات حين يموت
فقمت من عندهما وقد أتحفانا بأشرف تحفة حفظت عنهما. سقى الله عهدهما!