لثلاث عشرة ليلة بقيت من صفر. ورجع الناس إلى السواد وخلعوا الخضرة.
قلت: قد تقدّم القول في ذكر جحظة ولم ننسبه فلعلّ النفس تتشوّف لذكره؛ هو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك.
ولقّب جحظة. قال أبو الحسن علي بن محمد بن مقلة الوزير الآتي ذكره في مكانه إن شاء الله تعالى؛ سألت جحظة عن لقبه من لقّبك بهذا؟ فقال:
عبد الله بن المعتزّ لقيني يوما فقال: ما حيوان إذا عكسته صار آلة للمراكب البحرية؟ فقلت: علق إذا عكس صار قلعا! قال: أحسنت يا جحظة! فلزمني اللقب. وكان أقبح خلق الله منظرا، وأحسنهم مخبرا؛ ولذلك قال ابن الرومي فيه (من الكامل):
نبّئت جحظة يستعير جحوظه ... من فيل شطرنج ومن سرطان
يا رحمتا لمنادميه تحملّوا ... ألم العيون للذّة الآذان
وكان طيّب الغناء، ممتدّ النفس، حسن الشعر والنادرة والحكاية؛ لا يكاد يملّ. ولا تزال تندر له الأبيات الجيّدة. وهو القائل:
جانبت أكثر لذّتي وشرابي ... وهجرت بعدك عامدا أصحابي
فإذا كتبت لكي أنزّه ناظري ... في حسن لفظك لم تجد بجوابي
(١٥٤) إن كنت تنكر ذلّتي وتلدّدي ... ونحول جسمي وامتداد عذابي
فانظر إلى جسدي الذي موّهته ... للناظرين بكثرة الأثواب