للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلوقي الشاعر المشهور وقد أدنيت من الشطّ ليخرج فقال: أيها الأمير! إن رأيت أن تسمع أبياتا مني! فقال؛ أنشد! فقال (من المتقارب):

(١٥٦) عجبت لحرّاقة ابن الحسي‍ ... ن لا غرقت كيف لا تغرق

وبحران من تحتها واحد ... وآخر من فوقها مطبق

وأعجب من ذاك أعوادها ... وقد مسّها كيف لا تورق؟

فقال طاهر: أعطوه ثلاثة آلاف دينار! ثم قال: زدنا حتى نزيدك! فقال:

كلّ منا أخذ الكفاية! قلت: وما أحسن هذين البيتين في بعض الرؤساء وقد ركب البحر؛ وهما (من الطويل):

ولمّا امتطى البحر ابتهلت تضرّعا ... إلى الله يا مجري الرياح بلطفه

جعلت الندى من كفّه مثل موجه ... فسلّمه واجعل موجه مثل كفّه

وكان طاهر يلقّب ذو اليمينين لفرط جوده وسماحته. وكان أعور بفرد عين. وهجاه عمرو بن بانة الشاعر فقال (من الرجز):

يا ذا اليمينين وعين واحدة ... نقصان عين وعين زائدة

ويحكى أنّ إسماعيل بن جرير البجليّ الشاعر كان مدّاحا لطاهر بن الحسين المذكور فقيل له إنه يسرق الشعر ويمدحك به! فأحبّ أن يمتحنه فقال له: تهجوني! فامتنع فألزمه بذلك فكتب إليه يقول (من الوافر):

رأيتك لا ترى إلاّ بعين ... وعينك لا ترى إلاّ قليلا

فأمّا إن أصبت بفرد عين ... فخذ من عينك الأخرى كفيلا

فقد أيقنت أنك عن قليل ... بظهر الغيب تلتمس السبيلا