جرت منه إساءة استغفر وتضرّع. ولما استبدّ بخراج مصر رغب عن المظالم الدينية وأجمع على إسقاطها فشاور كاتبه يوما فأجابه بكلام طويل ينفّره عن ذلك. فلمّا نام أحمد تلك الليلة رأى في منامه صديقا له كان قد توفي مستشهدا وهو يقول له: بئس ما أشار عليك من استشرته في أمر ترك المظالم>. <واعلم أنّ من ترك لله عوّضه الله خيرا منه فامض على ما عزمت وأنا أضمن لك عن الله تعالى أفضل مما تركت منه قريب غير بعيد. فلمّا أصبح قصّ الرؤيا على ابن دسومة فقال له: أشار عليك رجلان الواحد في اليقظة والآخر في المنام. وأنت لمن في اليقظة أوجد، وبضمانه أوثق. قال؛ فأجمع رأيه ورجع إلى رأي ما رآه في منامه ولم يلتفت إلى مشورة كاتبه. وركب إلى الصيد فانخسف مكان بالرمل برجل فرس بعض حاشيته فكشف عن قبو في ذلك الرمل فوجده مطلبا حمل منه من المال ما قيمته ألف ألف دينار وهو المطلب الذي كتب إليه من العراق بسببه>. <وعلم الناس الحال فبنى به هذا الجامع والبئر في القرافة الكبيرة المعروفة ببئر عفصة. وأنفقه جميعه في وجوه البرّ والصدقة. ثم إنّه بعد ذلك تغير على كاتبه ابن دسومة وقبض عليه واستصفى ماله واعتقله حتّى مات في الاعتقال. هذا ملخّص ما قرأته بخطّ ابن عبد الظاهر رحمه الله. وقد أثبتّه بجملته في كتابي الذي عزمت على إنشائه وسمّيته الروضة الزاهرة في خطط القاهرة موفّقا لذلك إن شاء الله>.
(٢٢٤) وكانت له صدقات وافرة في كلّ شهر ألف دينار من خاصة ماله