وأحمد بن طولون بمصر. وشارك في الخراج بين أبي أيّوب وأبي ريشة وأبي ذؤيب معهما. والقاضي بكّار بحاله مستمرّ على قضائه.
نكتة جرت في ولاية ابن طولون بمصر. كان له في قصره مستشرف عال يصعد إليه في الليالي الصائفة. فبينا هو ذات ليلة بعد هدوة من الليل إذ سمع ببابه نبيح كلب وقد زاد في نبيحه فأمر بطرده فخرج الخدم وطردوه ثم عاود ولجّ فخرج الغلمان وضربوه وطردوه ثم عاود النباح وزاد. فجلس ابن طولون وقال:
لهذا الكلب خبر! وأمر بخادم من خاصّته يعلم منه عقل وفهم وقال له: هذا الكلب له نبأ فأخرج وخذ معك جماعة من غلمان الدار واتبع هذا الكلب حيث اتّجه وأتني بخبره! قال؛ فخرج الخادم ومعه جماعة من غلمان الدار فلمّا رآهم الكلب بصبص لهم بذنبه ومشى بين أيديهم وتبعه القوم إلى حارة من بعض حارات مصر في زقاق دبق فوقف الكلب على باب دار مغلق الباب فعاد يحفر بيديه وينبح ويدفع الباب برأسه. فأمر الخادم بكسر ذلك (٢٢٩) الباب وهجم الدار فوجدوا صبية مقتولة وعندها ستة رجال فأحضروهم من ساعتهم إلى بين يدي ابن طولون فاعترفوا أنهم يجتمعون على شرب وأنهم يحضرون بنات الخطأ فيقضون منها أربهم، ويقتلونها ويأخذون مما عليها من الحليّ والقماش وأنهم فعلوا بتلك الصبية ما فعلوه. وسأل عن الكلب فأخبر من أهلها أنها ربّته صغيرا وما كان يفارقها حيث كانت وأين حضرت. فأمر بهم فسمّروا بعد قطع أيديهم وجعلت في حلوقهم وطيف بهم على الجمال حتّى هلكوا.