الشعر>،شديد الاهتزاز له، وكان كلّ من أبي محمد عبد الله بن محمد الفياض الكاتب، وأبي الحسين عليّ بن محمد الشميشاطي قد اختارا له من مدائح الشعر عشرة آلاف بيت؛ وإنما السلطان سوق يجلب إليها ما ينفق لديها.
وتوفّي في كنفه السيّد الفاضل والحكيم الكامل أبو نصر محمد بن نصر الفارابي فيلسوف المسلمين بالحقيقة. أخذ صناعة المنطق عن يوحنا بن حيلان المتوفّى بمدينة السلام. وله التصانيف المفيدة، صحيحة العبارة لطيفة الإشارة؛ منبّهة على ما أغفله الكنديّ وغيره من صناعة التحليل، وأنحاء التعاليم. وأوضح (٢٩٥) القول فيها عن موّاد المنطق الخمسة، وأفاد وجوه الانتفاع بها، وعرّف طرق استعمالها، وكيف تعرف صورة القياس في كلّ مادّة منها. فجاءت كتبه في ذلك الغاية الكافية. وكان أبو نصر المذكور معاصرا لأبي بشر متّى بن يونس إلاّ أنه كان دونه في السنّ، وفوقه في العلم. وعلى كتب متى بن يونس في علم المنطق معوّل العلماء ببغداد وغيرها من أمصار المسلمين لقرب مأخذها، وكثرة شرحها. وكانت وفاة الفارابي بدمشق في كنف الأمير سيف الدولة ابن حمدان المشار إليه التغلبي في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. وكفى بسيف الدولة نبلا أن اجتمع ببابه مثل هذا الفاضل الموصوف، ومثل أوحد الكبراء، وشيخ الشعراء أحمد بن الحسين المتنبّي الشاعر الموصوف الذي لأجله سمّيت الشعراء في زمانه بالطراز المذهب؛ وفيهم مثل السري الرفّاء والنامي والببغاء والوأواء وغيرهم. وسيأتي من ذكرهم والمرقص والمطرب من أشعارهم في آخر هذا الجزء ما تصل إليه القدرة من المحفوظ والمنقول إن شاء