من اختصاص بعضهم دون بعض، وتفضيل بعضهم على بعض. فالوزراء للملك كالطبائع للجسم؛ صلاح الجسم باعتدال طبائعه وتساويها في القوّة، كما أنّ عطبه في قوّة بعضها (٣٠٤) على بعض. قال العروضي؛ فقلت له: أيّها الأمير! إنّك اليوم غير محتاج إلى هذا وشبهه! فقال: كلا! إنّي إليه لمحتاج فإن كان عندك منه علم فأفدناه، وإن لم يكن عندك فاستفده لكي تفيدناه! قال:
فعلمت بذلك سموّ همّته، وقوّة فطنته. وحكى العروضي أنّ الراضي كتب إلى أبيه المقتدر بالله كتابا قبّض فيه قلمه ونظّم حروفه فجاء خطا ثقيلا؛ وكان إذا مشق في خطّه ومطّط حروفه أجاد؛ قال؛ فقلت له: كأنّ الأمير قصد إلى قبض خطّه! فقال: نعم! قلت: ولم؟ قال: لأنّ مشق القلم ومطّ الحروف ضرب من الجراءة والقلب نائب اللسان؛ فهل يصلح أن أطلق لساني في محاورة والدي وأتشادق على أمير المؤمنين؟! قال العروضي: فجعلت أنظر إليه متعجّبا! فقال:
ما بالك يا أستاذ؟ فقلت: أنّى لك هذا؟! فقال: يا أستاذ! إنّ آدابنا مولودة معنا! فقلت: أشهد بذلك!
وفي هذه السنة توفي عبيد الله المهدي صاحب المغرب. وفيها كان ظهور عليّ بن محمد الشلمغاني لعنه الله؛ وكان قد ادّعى ما ادّعاه المقنّع، المقدّم ذكره في هذا التاريخ؛ فقتل هو وابن أبي عون لأنّه كان من أقاربه ويقول بقوله، وأحرقا بنار الدنيا قبل نار الآخرة. <ذكر الشيخ أبو القاسم علي بن منجب بن سليمان الكاتب في سيره أنّ ابن مقلة الوزير ذكر أن الحسين بن القاسم بن