للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجرى بينهما حروب. وعاد ابن رائق ولم يظفر بشيئ وخراج مصر بين الكرجي وحسنون النصراني. وابن بدر ينظر في أمور الناس.

وفيها فتحت الاشكر وقتل ملكهم.

وفيها توفّي أحمد بن محمد بن عبد ربّه صاحب كتاب العقد. وعبد ربّه جدّه هو ابن حبيب بن محمد بن سالم مولى الأمير هشام بن عبد الرحمن الداخل الأندلس، المقدّم ذكره، في أخبار بني أمية ملوك الأندلس. وكان فاضلا متقنا حافظا شاعرا نبيلا. وكان له ابن أخ يسمّى سعيد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد ربّه؛ وكان طبيبا نبيلا شاعرا محسنا، وله في الطبّ رجز جليل (٣٠٨) محتو على جملة حسنة دلّ على تمكّنه من العلم، وتحقّقه لمذاهب القدماء، وكان له مع ذلك نظر بحركات الكواكب وطبائعها ومهابّ الرياح، وتغيّر الأهوية. وحكى عنه القاضي صاعد صاحب كتاب الملل والنحل في كتابه المعروف اليوم بكشف طبقات الامم من العرب والعجم أنّ سعيد فصد ذات يوم فكتب إلى عمّه المذكور يسأله الحضور عنده؛ وكان في سعيد شحّ فلم يجبه عمّه إلى ذلك فكتب إليه يقول (من الكامل):

لمّا عدمت مؤانسا وجليسا ... نادمت بقراطا وجالينوسا

وجعلت كتبهما شفاء تفرّدي ... وهو الشفاء لكلّ جرح يوسى

فلمّا وصل إليه هذان البيتان أجابه يقول (من الكامل):

ألفيت بقراطا وجالينوسا ... لا يبخلان ويثريان جليسا

فجعلتهم دون الأقارب جنّة ... ورضيت منها صاحبا وجليسا

وأظنّ بخلك لا يرى لك تاركا ... حتّى تنادم بعدهم إبليسا!

وكان سعيد بن محمد هذا جميل المذهب، خارجا عن مذاهب غيره من أبناء جنسه، منقبضا عن الملوك. وهو القائل في آخر عمره (من الطويل):