الشريف، وخلونا فيه، وتركنا ما كان لغير الله عزّ وجلّ. فقال له سحنون:
فأين أنت أيها الأمير عن إسحاق المكشوى يؤانسك ويخبرك بأخبار الأمم السّالفة والقرون الماضية. وكان رجلا متفقّها كثير الحفظ للسّير. فسأله إحضاره.
قال إسحاق: فأقمت أجالسه مدة الشهر، فلما أهلّ الهلال بشوّال خرج الحاجب فقال: انصرف. آجرك الله. فانصرفت ثم قلت: ما أحدا أعجز منى. حضرت مجلس الأمير ثلاثين يوما فلم أذكر الذى علىّ ولا الفقر الذى أنا فيه.
قال: فلما بلغت القباب إذا برسول يركض خلفى. فقال: أجب الأمير.
فرجعت. فقال: يا ابن المكشوى. أجبنى عما أسألك عليه. قال: فقلت ما هو أصلحك الله؟
فقال: عقل الرجل أين مسكنه؟
فقلت: أمّا من عاقل مثلك فبين عينيه. وأما من معتوه عاجز مثلى فخلف قفاه.
فقال لى: لم ذاك؟
فقلت: أصلح الله الأمير! جالستك ثلاثين يوما فلم أذكر دينا علىّ ولا أعلمتك به.